عزت مصطفىعزت مصطفى

سلوكيات جنود أصلاء

يخاف الناس العاديون من الجيوش. ترتبط العمليات العسكرية دائما بالانتهاكات. فالجيوش التي تتقدم على مناطق يقطنها المدنيون تعد مصدر قلق، مهما حسنت النوايا.
يربط الناس هذه الأيام الخوف بأصوات الانفجارات وتساقط القذائف التي سرعان ما يعتادون عليها. ولكن ماذا عن عصر ما قبل القنابل والمدفعية والطائرات؟ كانت الناس تخاف من سلوكيات الجنود ممن يقاتلون بالسيف والرمح، سواء أكانوا من أهل البلد او من خارجه.
زادت الصور والتلفزيون من المخاوف. أول مشاهد عن اليابانيين في الصين في الثلاثينات من القرن الماضي كانت صادمة. ثم توالت صور الحرب الاهلية الاسبانية والحرب العالمية الثانية ثم كوريا. فيتنام كانت حربا على شاشة التلفزيون. الجندي الأميركي خسر سمعته قبل أن يخسر الحرب. وتكرر الأمر في العراق.
لكن شيئا مختلفا يحدث الآن في اليمن. الجيش الوطني والمقاتلون من القوى الشعبية وأبناء القبائل يتصرفون بكل مسؤولية في المناطق المحررة. انهم مثال الضد عما فعله الحوثيون وقوات المخلوع صالح حين استباحوا المدن وروعوا الناس. ولا نريد ان نستعيد صور وممارسات حرب 1994 لأنها كانت من أسباب ما نحن فيه اليوم.
ما الذي تغير وفرض الانضباط على الجنود وتسبب في أن يذهب القلق عن الناس؟
أستطيع الجزم بأن السبب هو عاملان. الأول كان التدريب. فالقوات الوطنية كجيش وقوى شعبية مساندة تلقت تدريبا نفسيا واخلاقيا كما تلقت الاعداد العسكري على استخدام السلاح. المدربون الإماراتيون أوصلوا للجنود والمقاتلين حقيقة أن الجيوش تحارب لتنتصر معنويا قبل ان تحقق الكسب على الأرض.
ثانيا، علينا ان ننظر إلى سلوكيات الجندي الإماراتي الذي يقاتل جنبا إلى جنب مع جنودنا ومقاتلينا المتطوعين. هذا الجندي لم يحمل في نفسه القيم العربية الأصيلة التي نفتخر بها ونتحدث عنها دائما وحسب، بل حمل أيضا الانضباط والتفاني واتقان التعامل مع الناس لكسبهم وتأمينهم على مالهم وأنفسهم وأولادهم.
الانضباط العالي والسلوكيات الرفيعة والود والعون الذي لمسه اليمنيون في التعامل مع الجندي الإماراتي، انعكس على الناس ثقة وتواصلا.
لا يختلف الإماراتيون، أبناء القبائل الأصيلة على ساحل الخليج، عن أهل اليمن الأصلاء. ولهذا دخلوا بقلوب مفتوحة وتصرفوا وكأنهم بين أخوتهم. ولهذا فشلت الدعاية الحوثية والإيرانية في تصوير الجنود الإماراتيين على أنهم غزاة، ولم يستطع المخلوع أن يقول كلمة واحدة تذم جنودا متفانين اخلاقيا ومهنيا في أداء واجبهم أمام الله قبل كل شيء.
الجيوش المحترفة التي تبرز من مجتمعات متوازنة هي المؤسسات القادرة على خوض الحروب والانتصار فيها وإدامة النصر سلاما يلامس روح الناس. أما انتصارات العصابات، كتلك التي سعد بها الحوثي والمخلوع، فها نحن نرى كيف تبخرت في أيام.
إنه عصر جديد يتشكل أمامنا. سلوكيات الجندي الإماراتي التي انعكست التزاما يتشارك به مع الجندي اليمني والمقاتل المتطوع من ابناء القبائل اليمنية هي مرحلة حالية وقادمة لما نتوقعه من جيوش تحترم شرف العسكرية.

شبكة صوت الحرية -

منذ 8 سنوات

-

1234 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد