كتب كتب

أنا إبن المدينة التي لم تسقط ..

بقلم / د.محمد باحاج :


تعز تحت الحصار منذُ اشهر .. الكارثة في هذه المدينة لا يمكن تخيلها .. المستشفيات تعاني من نقص حاد في المستلزمات الطبية الأولية ناهيك عن المستلزمات الأخرى .. عوامل الحياه تكاد تكون مفقودة .. الماء والاكل والكهرباء .. رغم هذه الصورة المأساوية التي تعيشها هذه المدينة .. الا انني اقرأ من خلال هذا الحصار .. خلوداً الى ان يرث الله الأرض ومن عليها . 
بعد ٢٠ عام او اقل .. بالضبط مايحتاجه اطفال هذا الحصار ..
سينتشرون في جميع انحاء العالم .. كماهو عادة اصحاب هذه المدينة .. طلباً للعلم او للرزق .. سيتحدثون بلغتهم عن احوال مدينتهم اثناء الحصار .. ستجد احدهم يتحدث كيف انه فقد امه وهي بالمستشفى بسبب عدم توفر الأكسجين .. بينما الاخر يتحدث عن فقدان اخيه بسبب الجوع .. سيكتبون بدموعهم قصة الطفل الذي توفى وهو يردد " لا تقبروناش " سيظهر من هذا الجيل الكاتب والروائي .. الصحفي و الطبيب والمثقف .. هذا طبيعي بالنسبه لجيل ينتمي لمدينة تعز . 
ربما نلمح في وجوههم بعض الحزن والوجع لكنه سرعان مايتلاشى بذكرهم ان المدينه لم تسقط وانها صمدت أشهر ولم يستطع الغزاه الدخول لها .. أي خلود هذا الذي ستتوارثه اجيال واجيال .. ربما تمر انت بعد ٢٠ عاما في شوارعها لتجد طفلاً يصرخ بصوته العالي انا ابن المدينه التي لم تسقط ... 
سيكتبون .. عن اصحاب هذه الغزوة .. مجاميع خرجت من كهوفها " برابره "لا يعلمون عن تعز وابناءها شيئاً .. قادمة من إرث إمامي كهنوتي لإعادتنا سنوات الى الوراء .. أرادوا ان يطفئوا نور المدنيه الذي يشع دوماً من تعز .. نعم .. سيدونون عن هذه الحقبة المظلمة التي مرت بها اليمن وسيكتبون كل تفاصيلها .. الا انهم في نهاية رواياتهم سيكتبون بكل فخر تعز لم تسقط . 
ستصبح تعز بعد هذه الاعوام عنواناً للصمود .
ربما تجد استاذاً في المدينه يشرح لتلاميذه عن السيرة وعن حصار بني هاشم حصار النبي عليه الصلاة والسلام .. ولن يجد اسقاطاً او طريقة لتوصيل شرحه .. لمعنى الصمود والكبرياء .. وعدم الانكسار .. الا بقوله مثلما حدث لتعز "لكنها لم تسقط" . 
اما عن التاريخ الحديث .. 
سننسى حصار مدينة ستالينغراد اثناء الحرب العالمية الثانيه من الألمان .. ولن نتغنى بصمودها كثيرا ولن نبحث عن جيل منهم يحدثنا عن معنى الحصار .. 
سنتحدث فقط عن تعز .. عن حصارها .. عن صمودها .. عن انتصارها .. ستكون هي قبلتنا لمعرفة الصمود .. سيروي جيل الحصار كل التفاصيل للجيل الذي يليه .. وهكذا الى ان يرث الله الأرض ومن عليها .
سينتهي هذا الحصار لأن اصحابه و مرتكبيه اختاروا المكان الخطأ . سينكسر وسيهزمون ... وسنظل نردد انها لم تسقط لم تسقط .
ليس هناك من مكان يستحق ان يخلّد اكثر من تعز

شبكة صوت الحرية -

منذ 8 سنوات

-

1095 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد