أحمد عبد الملك المقرميأحمد عبد الملك المقرمي

الاستعمار بالإرهاب. !

 

مئتا عام استمرت الحروب الصليبية على البلاد العربية و الإسلامية . و كانت تلك الحروب القذرة حربا دينية مقدسة في نظر الغرب .

 

فالراهب الفرنسي بطرس الناسك ، طاف أوروبا للتحريض ضد الإسلام و المسلمين ، و استنفار أوروبا لغزو بلاد العرب و طرد الأمة الكافرة الملعونة - بحسب و صفه - من بيت المقدس ؛ و راح يبشر في أوروبا بزعم أن ورقة أتته من المسيح تقول له يجب تحرير بيت المقدس من المسلمين الكفار !

 

و حركت هذه الورقة المزعومة و أنها من المسيح كل أوروبا في زمن البابا الكاثوليكي أوربانوس الثاني ، الذي ألقى خطبة شهيرة في مؤتمر مجمع ( كليرمونت ) و دعا فيها إلى ما سماه تحرير بيت المقدس من الكفار المسلمين ، مستشهدا من إنجيل لوقا : ( و من لم يحمل صليبه و يأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذا ) !

 

كان هذان : أوربان و بطرس الناسك اللذان تعاصرا أول من قادا الحملات الصليبية إلى بلاد المسلمين .

 

و قد منيا بانكسار كبير ، وهزيمة أكبر مع من جاء من بعدهم ، من حملات صليبية ، يضع بعضهم نهايتها بأسر لويس التاسع ملك فرنسا في المنصورة بمصر ، و الذي وصل إلى قناعة في حبسه بدار ابن لقمان و هو يستعرض تاريخ هزائم الحملات الصليبية المتعاقبة ، أنه لابد من مواجهة هذه الأمة من خلال العمل الهدام من داخلها ، وهو ما تم فيمابعد - للأسف - و ما يزال .

 

و بعيدا عن الاستطراد التاريخي ، فإن بطرس الناسك تكرر في الحملات الصليبية المختلفة ، و لم يكن الجنرال الفرنسي غورو آخرهم ؛ و هو الذي ذهب إلى قبر صلاح الدين بعد معركة ميسلون و دخول دمشق ؛ ليقف على القبر و يقول : ها قد عدنا يا صلاح الدين !

 

كما لم يكن الجنرال الإنجليزي اللنبي هو ( بطرس الناسك ) الأخير المهووس بالحروب الصليبية ، حين قال عندما دخل القدس عام 1917 الآن انتهت الحروب الصليبية !

 

لن أذهب بعيدا ، إذا قلت أن هذه الروح الصليبية المتوارثة في الغرب تقمصت جورج بوش الابن الذي صرح على الفور يوم 9/11 و تفجير برجي منهاتن ، بقوله : إنها إذن حرب صليبية ! و ذلك قبل أن يعرف أحد من يقف وراء الحدث !! بصرف النظر عن التفسيرات التي ذهب إليها مراقبون و محللون (غربيون) بين كون الحادث عمل استخباراتي ، أو اعتداءات حقيقية . لكن ما هو مؤكد أن جورج بوش الابن صرح علنا أن الحرب على العراق في 2003 كانت بأوامر من الله !

 

هذا التاريخ المتوحش منذ بطرس الناسك و البابا الكاثوليكي أوربان الثاني ( من لم يحمل صليبه و يأتي ورائي فلا يقدر أن يكون تلميذا لي ) وصولا إلى (بوش الناسك) و تنفيذه لأوامر الله بزعمه في غزو العراق ليس إرهابا ، بل نشر للعلم و السلام و الحضارة !!!

 

إننا مع عدوانية بطرس الناسك المتكررة ، يطبق علينا المثل القائل : رمتني بدائها و انسلت .

 

في الفترة الاستعمارية ، كان المستعمر يصنع أتفه الأسباب ؛ ليجعل منها مبررا ساذجا و سمجا لاستعمار بلدما .

 

و لا تعجز عقلية بطرس الناسك ، بل لم تأبه أن تكرر تلك التوافه القذرة و الإرهابية من الأسباب ؛ لتجعل منها المبرر الاستعماري الجديد ، فهي تخلق التهمة و تتذرع بها !

 

إنه عصر الاستعمار بالترهيب و الإرهاب !

 

لقد وضع المصريون لويس التاسع في الحبس بدار ابن لقمان ، و بعد إطلاقه بسنوات سرت أخبار أنه يفكر بإعادة الكرة ، فقال لسان حال المصريين يتوعده :

 

 

 

دار ابن لقمان على حالها

 

و القيد باق و الطواشي صبيح

 

 

 

يبدو أن الوضع انعكس اليوم، فصار العرب في حبس دار ابن لقمان ! فهل إلى خروج من سبيل ؟

شبكة صوت الحرية -

منذ 6 سنوات

-

823 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد