عادل الشجاععادل الشجاع

الحوثي وحزب الله أوراق لتدمير المشروع العربي

في الثمانينيات من القرن الماضي كانت المقاومة الفلسطينية ومعها المقاومين العرب في جنوب لبنان وعلى التماس مع العدو الصهيوني ، ولم يكن أمام الفلسطينيين من خيار سوى المقاومة والمضي نحو العمق الفلسطيني ، فكان لابد من إفراغ المقاومة من معناها الحقيقي وصناعة مقاومة تحت الطلب ، فصنع حزب الله وطرد الفلسطينيون من لبنان وتم تشتيتهم في البلدان العربية البعيدة في تونس واليمن وليبيا.

مثلما صنع حزب الله في جنوب لبنان ، هاهو الحوثي يزرع في جنوب المملكة العربية السعودية ، ليؤدي نفس الدور ، ولكي يعطي مبرر للمملكة في استمرار الحرب ، مثلما أعطى حزب الله لإسرائيل المبرر لشن حروب متعددة على لبنان ، مع الفارق أن حزب الله زرع لتقوية إسرائيل ، بينما الحوثي زرع لإضعاف المملكة العربية السعودية والداعم للحوثي وحزب الله إيران التي اتفقت مع إسرائيل على تقاسم المقدسات الإسلامية فيما بينهما ، بحيث تأخذ إسرائيل القدس وتؤول مكة والمدينة لإيران.

ومن يتقصى سلوك حزب الله والحوثي يجده واحدا ، فحزب الله أبعد المستثمرين عن لبنان ودفع الاقتصاد اللبناني إلى الانهيار لصالح الاقتصاد الإسرائيلي ، وبالمثل فعل الحوثي دمر مؤسسات الدولة وأعطى مبررا للتدخل الخارجي وتعطيل الاستثمار والموانئ اليمنية لصالح الإمارات التي طبعت علاقتها بإسرائيل مؤخرا.

قدم حزب الله نفسه على أنه حركة مقاومة تدافع عن لبنان ضد العدوان الإسرائيلي مع أنه كان أكثر وحشية وإرهاب ضد اللبنانيين وضد العرب ، وبالمثل يقدم الحوثي نفسه على أنه مقاومة ضد العدوان السعودي ، مع العلم أنه يقود حربا ضد اليمن واليمنيين منذ ٢٠٠٤.

أقدم حزب الله على اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري بالرغم من أن الحريري استخدم نفوذه الإقليمي والدولي لإقناع العالم بأن حزب الله ليس منظمة إرهابية ، بل مجرد مليشيا لبنانية تقاتل الاحتلال الإسرائيلي ، والحوثي أقدم على قتل الزعيم علي عبدالله صالح الرئيس السابق بالرغم من تحالف صالح معه وأعطائه الغطاء السياسي ليسقط عنه أنه مليشيا انقلابية واعتبره جماعة مقاومة للعدوان.

أسست إيران حزب الله لضرب المقاومة الفلسطينية والعربية وإعطاء مبرر لإسرائيل أن تشن حروبها ضد لبنان ولكي يقوم بتدمير الدولة اللبنانية وبناء دولة أخرى تتماشى مع توجهاتها وتخدم مصالحها ، وهو ما فعلته مليشيا الحوثي الإرهابية ، ومثلما يرى حزب الله أن الحرب تمثل شرطا لبقائه واستمراره ، يرى الحوثي كذلك أن الحرب هي مصدر بقائه واستمراره.

ومثلما كان حزب الله ابنا للحرب الأهلية اللبنانية ، كان الحوثي ابنا للحروب الستة التي خاضها ضد الدولة ، وهو يرى أن بقاء الحرب شرطا لبقائه واستمراره ، لأنه تعبيرا عن مشروع توسع النفوذ الإيراني القائم على تصدير الثورة ، ومثلما ابتلع العرب الطعم في حزب الله ، ابتلعت المملكة العربية السعودية الطعم في الحوثي ومارست حربا عبثية في اليمن دمرت كل شيء عدا الحوثي.

بنى حزب الله قاعدته الجماهيرية على مقاومة إسرائيل ، لكن دائرة نشاطه كانت في سوريا والعراق واليمن ومصر ودول الخليج ، ولما أصبح قوة داخل لبنان قالوا للبنانيين اذهبوا أيها اللبنانيون وحلوا مشكلتكم ، وبنفس الطريقة بنى الحوثي قاعدته الجماهيرية على مقاومة العدوان ، بينما هو يقتل اليمنيين في مارب وتعز والحديدة وعدن والبيضاء ، وسنسمع المملكة العربية السعودية تقول لليمنيين اذهبوا وحلوا مشكلتكم ، لكنها ستكون حينها قد بدأت في التفكك لصالح المشروع الإيراني.

لو أن المملكة العربية السعودية تدير سياساتها عبر مراكز الأبحاث والدراسات لقدمت أولئك الذين زعموا في بداية الحرب أنهم دمروا قدرات الحوثي العسكرية ، ليتضح اليوم أنهم دمروا قدرات الجيش اليمني الذي كان بالإمكان أن يقف في وجه الحوثي ، بينما آلاف الطلعات للطيران الحربي لم تستهدف البنية العسكرية للحوثي ، بدليل أن الحوثي مازال يتلقى السلاح من إيران برغم الحصار ويقصف أهدافا مدنية داخل الآراضي السعودية.

فهل أدرك متخذ القرار في المملكة أنه ظلل خلال فترة الحرب في اليمن وأنه استدرج إلى فخ تقوية الحوثي وإضعاف الشرعية التي لو تم بناء جيشها وتسليحه لكان اليوم حاجز الصد للصواريخ والطيران المسير الذي يستخدمه الحوثي بكل أريحية دون أية مقاومة ؟ إذا استمر الملف اليمني بيد الفريق الحالي وتحديدا محمد آل جابر الذي ساهم في تدمير الشرعية وتفكيك بنيتها ، فإن المملكة ستكون كالذي أطلق النار على قدميه ، والطبيعي أن تعيد المملكة النظر في طريقة الحرب في اليمن وتحيل كل الذين فشلوا في حرب اليمن إلى المحاكم العسكرية ، لأنهم أظهروا المملكة بمظهر العاجز عن حسم المعركة مع مليشيا ليس لها من عناصر القوة سوى أخطاء الأطراف المواجهة لها.

شبكة صوت الحرية -

منذ 3 سنوات

-

690 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد