د . عبده سعيد المغلسد . عبده سعيد المغلس

معركة اسقاط الإمامة تبدأ بمعركة الوعي بخطر العصبيات والثقة بالقيادة

قراءة أي حدث سياسي، تتطلب الحد الأدنى من المعرفة، بالتاريخ، والجغرافيا، والاقتصاد، والاجتماع، والفلسفة، وقلما تتوفر عند الكثيرين، من العاملين، بالسياسة والنخبة، ولذا تعيش الأمة، مرحلة التيه والضلال، وغياب البوصلة، بسبب الافتقار المعرفي، المخالف لأول أمر من الله (إقرأ)، والقراءة هي العملية المعرفية، وليس التصفح والتلاوة.


وهنا يبرز السؤال الذي يجب أن يجيب عليه كل يمني، يؤمن بمواجهة الإمامة، ومشروعها، ما هي معركة اليمنيين الأساسية، في مواجهة الإمامة الحوثية وانقلابها؟


والإجابة عليه، تحدد الأولوية والطريق، لجميع مناصري الشرعية، والثورة والجمهورية، فمن وجهة نظري، معركتنا هي معركة، اسقاط الانقلاب الإمامي، وليست معركة أشخاص، يعينوا، أو يعزلوا، أو يغيروا، فمعركتنا معركة وجود، لوطن،ودولة وشعب، وثورة، وجمهورية، ومشروع اتحادي، وشرعية تمثل رمزية كل هذه القضايا، جميعنا في مواجهة الانقلاب وتآمر مَكْرِه الذي تزول منه الجبال، هذه المعركة الأساس، التي تخوضها الشرعية، في ضل خلل بموازين القوى، نتيجة تسليم مؤسسات الدولة، بمواردها، وجندها، وسلاحها، وإمكانياتها، الذي تم تجميعه في دولتي المعسكرين الشرقي والغربي، قبل الوحدة، ودولة الوحدة، ومشروع محاربة الإرهاب، وما قدمه لليمن، من سلاح وتدريب وعقيدة قتالية.


ونتيجة لذلك، فالمعركة التي تخوضها الشرعية، وتحالف دعمها، بقيادة المملكة الشقيقة، هي معركة لمواجهة الهيمنة الإيرانية بكل ابعادها، التي ابتلعت اربع عواصم عربية، وهي معركة عسكرية، وثقافية، واجتماعية، واقتصادية، وكلها عواصف عاتية، بحاجة لمقاربات، وتوازنات، تشمل الداخل، والإقليم، والعالم، وهذه المقاربات تتطلب حنكة، وحكمة، ودبلوماسية، ليس من بينها ردود الأفعال، والغوغائية، والعواطف، وقد تتطلب في منحنياتها، التضحيات والتنازلات، والانحناء لعواصفها، حتى لا تقتلعنا هذه العواصف، وطالما نثق بفخامة الرئيس هادي وبقيادته، والذي استطاع أن يمنع الانقلاب والمتآمرين، وثقافة الإمامة وعكفتها، من الهيمنة على اليمن، منذ تسلمه علم دون دولة، حتى اليوم، فالأمر منوط به، وتقديراته، ومعلوماته ورؤيته، وهذا هو جوهر العمل السياسي المسؤول، الذي لا تجرفه وتوجهه العواطف، بل المسؤولية، والواجب الوطني. وواجبنا الوطني ومسؤوليتنا التاريخية، يتطلبان منا جميعاً، الوقوف مع الشرعية وتحالف دعمها، وهما يخوضان معركة اسقاط الانقلاب الإمامي، في كل الجبهات العسكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية.


والنكبة عند البعض في هذه المعركة المتعددة والمتشعبة، هي في الثقافة المغلوطة، لثقافة العبودية للعصبية، وثقافة الفيد والولاء للغير، والمؤمنون بهذه الثقافات لم يستوعبوا بعد، هدف وجوهر المعركة، والحرب والصراع، وهو منع تنفيذ مشروع فخامة الرئيس هادي، بقيام الدولة الاتحادية،كمشروع خلاص لليمنيين، من عبودية العصبيات المختلفة، كالإمامة، والمذهبية، والمناطقية، والحزبية، فكل اتباع هذه العصبيات، يعيشون مرحلة تجذر عبوديتهم، لهذه العصبيات، ومَثَلَهِم قوم موسى، بتجذر ثقافة عبودية العجل في قلوبهم، كما وصفهم الله، فكل سلوكهم، وقراراتهم، ونهجهم، ومواقفهم، يخضع لتأصل هذه العبودية، فقوم موسى بمجرد مجاوزتهم البحر، وهلاك الفرعون وجنده أمامهم، وما زالت ملابسهم تقطر بالمياه، حين رأوا قوما يعبدون صنماً، قالوا ياليت لنا إله مثل هذا، فلم يوقظهم من هذه العبودية، بلاء استحياء نسائهم، وذبح أبنائهم، ولم توقظهم معجزات موسى التسع البينات، من العصا واليد إلى انفلاق البحر، لقد جُبلوا على العبودية لا الحرية، ومِثَالهم اليوم عبيد العصبية الإمامية، بهاشميها وعكفتها، فلا الهاشميين عبيد عنصرية ابليس، استيقظوا، ليعيشوا عظمة دين الإسلام، بأُخوته الإنسانية والإيمانية، والعيش المشترك، ويقبلوا تجربة الدين، التي جمعت وصهرت، عبدالرحمن بن عوف القرشي، وعلي بن ابي طالب الهاشمي، وسلمان الفارسي، وبلال الحبشي، وصهيب الرومي، وزيد بن حارثة، في بوتقة المنهج الرحماني، بأخوة الإيمان، وأخوة الإنسان، ملغية العبودية للعصبية، والعنصرية، والكراهية، ولا عكفة الإمامة استيقظوا من عبودية الإمامة، وهوانها، وإذلالها لهم، بتحويلهم، لخدمها وجندها ( عكفتها)، واعلى منصب يصل إليه أكبرهم، نافخ بورزان ( بوق)، ونسوا ما قدمه لهم دين الإسلام، من حرية ومساواة، وما قدمته لهم، الثورة والجمهورية، والدولة اليمنية ، بتحويلهم من عكفة الإمامة، وعبيدها، ليصبحوا رؤساء جمهورية، ووزراء وقادة، ومثالها الأخر، عبودية العصبية الحزبية والمناطقية، التي لم تستيقظ من حروبها المعاصرة، ودمار الحرث والنسل، لتدرك أن التنافس الحزبي يستهدف بناء الوطن بدولته وشعبه ورخائه، وليس الهيمنة الفردية لعصبية الحزب أو المنطقة.


وبالتالي نجد اليوم، أن العين الناظرة والقارئة، بعصبية الهوى، والمصلحة، والتوجه، لا ترى، ولا تقرأ، ولا تفهم، ولا تتفهم، لتعرف الحق والحقيقة، بل تتصيد، لتخدم هواها، ومصلحتها، وعصبيتها، وتوجهها، وهذه نكبة النخبة والأمة.


لنقرأ وننظر بعين اليمن، ومصلحة أرضه، وشعبه، ودولته، وبشرعيته ومشروعه، وتحالفه، فلنخرج جميعاً من معارك العصبيات، لنخوض معركتنا الحقيقية والأساسية، وهي إسقاط الإمامة وانقلابها، وسلاحها الأمضى هو الوعي، بخطورة معارك العصبيات، والثقة بشرعيتنا وقيادتها للمعركة.


د عبده سعيد المغلس


٢٦-١٢-٢٠٢١

شبكة صوت الحرية -

منذ سنتين

-

862 مشاهدة

مقالات ذات صلة

أهم التصريحات المزيد